الأحد، 4 يناير 2009

خيارُ المُقاومة

خيارُ المُقاومة

خيارُ المُقاومة


انكشاف التوافق الاستراتيجي بين قادة حركة فتح وحكّام إسرائيل وانقطاع قناة التواصل بين قادة حماس ومجموعة عبّاس، وانحياز بعض الزعامات العربية في دول الجوار الفلسطيني إلى مبدأ الحوار ونبذ المقاومة، كلّها أمور قد تكون أسبابًا كافية لعودة حماس إلى خندق المقاومة المسلّحة منذ حرب ،۱۹۶۷ ظلّ الجهاز العسكري الإسرائيلي هو المؤسّسة الوحيدة التي تُمسِكُ بقوّة خفيّةٍ حِبالَ اللعبة السياسيّة التي تُمارسُها إسرائيل سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي مع الفلسطينيّين ومع الدول العربية وحتى مع حلفائها من دول الغرب وأميركا. وهو أمر وَسَمَ الجيش الإسرائيلي بهالةٍ من القَداسةِ لدى المواطنين الإسرائيليّين، ومكّنه من القدرة على أن يكون مصدرَ ارهابٍ لأغلب الجيوش العربية التي ظلّت طوال الخمسين سنة الماضية تتحاشى التماسَّ معه وتدفع من وراء ستارٍ الساسة إلى التفاوض مع (العدو) عوضَ مواجهته ما أدخل (جيش إسرائيل) في دائرة الأسطورة ومنحه قوّةً إخافيّة كبيرة تفوق قوّة (دراكولا).غير أنّ حرب تموز، كشفت المسكوت عنه في المؤسّسة العسكريّة الإسرائيليّة، وأبانت للعالَم، كيف أنّ أسطورة هذا الجيش، إنّما هي ظاهرة إعلامية لا غير، إذْ أمكن لبعض مقاتلي حزب الله دحرُ هذه الأسطورة بيقين الواقع، وأنزلوا بجيش إسرائيل هزيمة نكراء تلهّت فضائيات العالم بعرضِ مشاهد النيران فيها وهي تأكل بنهمٍ دبّاباتِ إسرائيل. ونعتقد أنّ حرب تموز، أو ما يسمّيه الإسرائيليون أنفسهم (هزيمة تموز) أفاقت الاسرائليين على حقيقة كانوا يُبعِدونها عن مخيِّلاتهم ليقينهم من مرارتِها، وفتحت (شهيّةَ) بعض الفصائل الفلسطينيّة للمقاومة المسلّحة رغم اختلال موازين القُوى بين الجانبَيْن.ورغم إيماننا بأنّ حماس، قد فضّلت الانسحاب من الفعل المقاوماتي العسكريّ وانحازت إلى فعل السياسة بما هو فعل يقوم على التهدئة وضبط النفسِ وبناء آمال عريضة على حسن نيّة الآخر، فبرّرت دون وعي منها حصار غزّة وتجويع أهلها، وختمت بذلك تاريخَها النضاليّ بانتكاسة حاول تغليفهَا قادتُها بقولهم إنّ الجمع بين الخطاب السياسي وخطاب المقاومة ضرورة فرضها الواقع العالميّ الراهن.فإنّ انكشاف حقيقة الوضع العسكريّ الإسرائيلي من جهة، وانكشاف كذبة بوش وأتباعه في إقامة دولة فلسطينية بنهاية العام ،۲۰۰۸ وانقلاب المجتمع الدولي، بتزكية عربية، على نتاج صناديق الاقتراع الفلسطينيّة التي منحت حركة حماس أحقية قيادة حكومة الشعب الفلسطيني.وانكشاف التوافق الاستراتيجي بين قادة حركة فتح وحكّام إسرائيل وانقطاع قناة التواصل بين قادة حماس ومجموعة عبّاس، وانحياز بعض الزعامات العربية في دول الجوار الفلسطيني إلى مبدأ الحوار ونبذ المقاومة، كلّها أمور قد تكون أسبابًا كافية لعودة حماس إلى خندق المقاومة المسلّحة.ومن باب الحاصِلِ المُرِّ، نقول إنّ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة سيدفع بحماس إلى رفض (الوسطاء المحايدين) الذين شنّت ليفني من عواصمهم الحربَ على شعب فلسطين، وستكون حماس المقاومة صاحبة أمرها في كلّ فعل تأتيه.

الوفاق_عبد الدائم السلامي